الأحد، 16 ديسمبر 2012

ولاية المظالم


ت
تعتبر ولاية المظالم احد الضمانات الاساسية في إطار فلسفة حقوق الانسان في التشريع الاسلامي، وهي شبيهة بنظام المحاكم الادارية ونظام القضاء الاداري، لكن الاختلاف بينها يكمن في نقطتين اساسيتين: الاولى اختصاصات ولاية المظالم اوسع من اختصاصات المحاكم الادارية ، لأنها تختص في القضاء والحكم، والفرق الثاني هو ان ولاية المظالم تختص تلقائيا بالنظر في قسم من المظالم دون تلقي المظلمة من صاحب المصلحة الجدية.

شروط ناظر المظالم:

يشترط في ناظر المظالم ان يكون جليل القدر، نافذ الامر، عظيم الهيبة، ظاهر العفة، قليل الطمع، كثير الورع، لأنه احتاج الى الجمع بين سطوة الحماة وتثبت القضاة، فاحتاج الى الجمع بين صفتي الفريقين، فان كان ممن يملك الامور العامة كالخلفاء او من فوض اليه الخلفاء كالوزراء والامراء لم يحتج النظر فيها الى تقليد وكان النظر فيها لعموم ولايته، واما ان كان ممن لم يفوض اليه عموم النظر احتاج الى تقليد وتولية اذا اجتمعت فيه الشروط. ولقد نظر النبي صلى الله عليه وسلم  المظالم في الماء الذي تنازعه الزبير بن العوام ورجل من الانصار، فحضره بنفسه، وقال للزبير" اسق انت يا زبير، ثم الانصاري، فقال الانصاري: ان كان ابن عمتك يا رسول الله، فغضب رسول الله(ص) من قوله وقال: يا زبير آجره على بطنه حتى يبلغ الماء الكعبين".
وفي عهد الخلفاء الراشدين لم ينتدب للمظالم احد لحداثة العهد بالدين الاسلامي، ولشيوع روح الانصاف والعدل والمساواة بين المؤمنين، اما ما كان ينشأ من منازعات فكان يفصل فيها القضاة، لكن بعد عهد الخلافة الراشدة تجاهر الناس بالظلم فكانت الحاجة ماسة والضرورة ملحة الى ناظر المظالم، لذلك كان عبد الملك بن مروان اول من خصص يوما تنظر فيه مظالم المتظلمين، فكلما عرض عليه مشكل احاله على قاضيه  ابو ادريس الاودي، فيعمل على تنفيذ احكامه، وكان القاضي هو المباشر وعبد الملك بن مروان هو الآمر,
وازداد تمرد  وطغيان الولاة وجورهم فوقف لهم الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز الذي كرس جزءا حياته للمظالم، فرد مظالم بني امية على اهلها، فكان حازما في قراراته واوامره لا يخاف في الحق لومة لائم، وهدفه من ذلك انصاف الناس من ظلم الولاة غير مهتم ولا آبه بما قد يحصل له من مكروه. 

ليست هناك تعليقات

© جميع الحقوق محفوظة صفحات قانونية 2020 - حقوق الطبع والنشر | الناشر صفحات قانونية | سياسة الخصوصية