الأربعاء، 5 ديسمبر 2012

المصادر التبعية للقانون او التشريع الاسلامي


اولا: الاستحسان

الاستحسان هو عدول المجتهد عن مقتضى قياس جلي الى مقتضى قياس خفي او عن حكم كلي الى حكم استثنائي لدليل انقدح في عقله رجح لديه هذا العدول.
وقد عرفه ابي حنيفة بقوله: الاستحسان هو ترك القياس والاخذ بما هو اوفق للناس.

انواع الاستحسان: يتوزع الاستحسان بين ستة انواع وهي:

1- الاستحسان بالنص ويقوم على اساس استثناء نصي كالعدول عن حكم عام الى حكم خاص.
2- الاستحسان بالإجماع ويمون ذلك اذا افتى المجتهدين جميعا في نازلة خلاف الاصل وكان ما يفعلونه الناس مخالفا للأصول المقررة.
3- الاستحسان بالضرورة والحاجة وهو ترك العمل بالقياس للضرورة والحاجة.
4- الاستحسان بالقياس الخفي وهو ان يجتمع في المسألة قياسان احدهما جلي والاخر خفي يتضح بالتأمل والتروي ويكون دليله اقوى.
5- الاستحسان بالعرف ويكون في الحالات التي جرى العرف بها على خلاف القواعد المقررة.
6- الاستحسان بالمصلحة اي العدول عن القواعد المقررة رعاية لمصلحة

حجية الاستحسان: يرى المالكية والحنابلة والحنفية الاستحسان حجة في استنباط الاحكام الشرعية اما الشافعية  فينظرون خلاف ذلك.

ثانيا : المصلحة المرسلة

المصلحة المرسلة هي المصلحة التي لم يضع الشارع حكما لتحقيقها ولم يقم دليل شرعي لاعتبارها او الغاؤها.
و المصالح التي تحققها الاحكام تكون اما معتبرة واما ملغاة واما مرسلة.
فالمصالح المعتبرة تنقسم الى مصالح ضرورية او مصالح حاجيه او مصالح تحسينية.
وأما المصالح الملغاة فهي التي قام دليل على الغائها و عدم اعتبارها، وبخصوص المصالح المرسلة فهي التي لم يقم دليل على الغائها ولا اعتبارها لكن يترتب على فعلها تحقيق مصلحة او درئ مفسدة.

حجية المصلحة المرسلة:

 تأخذ المذاهب الاربعة بالمصلحة المرسلة كمصدر لاستنباط الاحكام الشرعية وقد عمل بها الصحابة والتابعون.
ولكي لا تكون المصلحة المرسلة باب للتشريع بالتشهي والهوى لذلك وضع المحتجون بالمصلحة المرسلة شروطا للاحتجاج بها:
ان تكون المصلحة حقيقية وليست وهمية.
ان تكون مصلحة عامة وليست خاصة.
ان لا تعارض مقصد شرعي.

ثالثا:  العرف

هو درج الناس على سلوك معين مع شعورهم بإلزاميته.
اركان العرف: للعرف ركنين احدهما مادي والاخر معنوي. فالركن المادي يتمثل في تواتر الناس على احترام سلوك معين غير مخالف للنظام العام والاخلاق، اما الركن المعنوي ويتمثل في شعورهم بإلزاميته.
انواع العرف: العرف نوعان
العرف صحيح وهو ما تعارف الناس عليه ولا يخالف دليلا شرعيا.واما العرف الفاسد وهو ما تعارف الناس عليه لكنه يخالف الشرع.
حجية العرف: العرف الصحيح حجة في ثبوت الحكم الشرعي وعلى المجتهد ان يحيط به ويأخذه بعين الاعتبار وعليه فالمعروف عرفا كالمشروط شرطا، والثابت بالعرف كالثابت بالنص.

رابعا :الاستصحاب

الاستصحاب :هو جعل الحكم الذي كان ثابتا في الماضي باقيا في الحال حتى يقوم دليل على تغييره.
حجيته: تأخذ المذاهب الاربعة بالاستصحاب وتتوسع فيه التي تأخذ بالقياس.
اقسام الاستصحاب: 
استصحاب الحكم: اذا كان موضوع الحكم بالإباحة او الحظر فانه يستمر حتى يقوم دليل على تغييره.
استصحاب الوصف:اذا كان الماء مثلا متصف بالطهارة فانه يستمر طاهرا حتى يقوم دليل على نجاسته كتغير اللون.
استصحاب البراءة الاصلية: الصغير لا يكلف بشيء من التكاليف الشرعية حتى يقوم دليل على التكليف ببلوغه.

خامسا: شرع من قبلنا

ااذا كانت شرائع الامم السابقة قد طالها التغيير والتحريف والتبديل ولم يعد احد يعرف ما بقي منها دون تحريف فان ما قصه علينا القرآن الكريم من شرائع هذه الامم نصدق به بحكم ايماننا به قوله تعالى:(يا ايها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)واذا افادا القران الكريم ان حكما في احدى الشرائع السابقة تم نسخه فانه يتعين علينا عدم العمل بع على سبيل المثال:كان في الامم السابقة المذنب اذا اراد ان يتوب عليه قتل نفسه، فهذا الحكم نسخه الاسلام بالاستغفار والتوبة والكفارة.

سادسا: مذهب الصحابي

الصحابي عند اهل الحديث هو من لقي النبي(ص) ولو كان صغيرا وآمن به ومات على الاسلام.اما عند الاصوليون فهو من لقي النبي(ص) وطالت صحبته به  وليس للصحبة الطويلة مدة محددة.
حجية قول الصحابي: للوصول الى مدى حجية قول الصحابي قسمها الاصوليين الى اربعة اقسام:
أ- لا خلاف في ان قول الصحابي فيها لا يدرك بالرأي حجة ومصدرا للفقه وهو محمول على السماع من النبي (ص) فيكون من قبيل السنة.
ب- لا خلاف في قول  الصحابي الذي حصل الاتفاق حجة ومصدرا للتشريع لان الاجماع من مصادر التشريع.
ج- لا خلاف في ان قول الصحابي لا يعتبر حجة ملزمة على صحابي مثله.
د- قول الصحابي الصادر عن راي او اجتهاد محل الخلاف.

سابعا: سد الذرائع

الذريعة هي الوسيلة، وعند الاصوليين هي  ما يكون  طريقا الى الحلال او الحرام، فالطريق الى الحرام حرام والطريق الى المباح مباح.
والعبرة في الذرائع او الوسائل هي نتيجة العمل لا بنيته، فاذا كانت النتيجة محمودة كان الفعل جائزا، واذا كانت سيئة كان غير جائز.
ومثال ذلك: الزنا حرام، والنظر الى عورة المرأة يفضى الى الزنا فيكزن حراما.
ومثال آخر: النهي اخذ الدائن من المدين هدية حتى لا يكون ذلك ذريعة الى اخذ الربا في صورة هدية 
.المطلب الثالث: خصائص القانون او التشريع الاسلامي.
من خلال فلسفة حقوق الانسان والضمانات التي تقدمها الشريعة الاسلامية  لحماية تلك الحقوق يتبين ان  للشريعة الاسلامية خصائص تمتاز بها عن القانون الوضعي وهذه الخصائص هي:
من حيث المصدر: يتجلى الاختلاف بينهما في كون الشريعة الاسلامية من عند الله عز وجل، بينما القانون الوضعي من صنع البشر وعليه فان الشريعة الاسلامية تتمتع  بصفات لا توجد في القانون الوضعي، فالقران الكريم يتضمن احكاما خالدة أي صالحة في كل زمان ومكان  لا تتبدل ولا تتغير وانما يتغير فيها الفهم  فقط وهنا تكمن  الضمانات التشريعية لحماية حقوق الانسان بخلاف قواعد القانون الوضعي  التي تتغير من زمان الى زمان ومن مكان الى مكان بحسب الظروف والملابسات وهذا دليل على عجزها في حماية حقوق الانسان.
التدرج في التشريع: من حكمة الشريعة الاسلامية انها تراعي استعداد البشرية لتقبلها، فهي تتدرج في التشريع حتى لا يشعر المكلف بالحرج والمشقة وذلك مراعاة لنفسيته، بينما في القانون الوضعي ينزل كالصاعقة على المكلفين في بعض الاحيان  دون سابق اندار  ودون مراعاة  استعدادهم لتقبل هذه القواعد.
العدالة: ان الشريعة الاسلامية تمتاز بالعدالة التامة – حقك لك ولن يأخذه غيرك – بينما القوانين الوضعية  ذات عدالة نسبية ترتبط بالأحزاب  وما تفرزه النتائج ، لذلك فالشريعة تطبق على جميع بني البشر دون استثناء فلا فرق بين غني ولا فقير.
عالمية الخطاب: ان الشريعة الاسلامية نزلت للعامة غير مقيدة بإقليم او منطقة  فهي مرتبطة بشخصية المكلف اينما حل وارتحل لذلك يقول النبي(ص) :( كان الانبياء يبعثون الى قومهم خاصة و بعثت الى الناس عامة) وقوله تعالى: (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين). لكن القانون الوضعي محدود التطبيق ومقيد بمبدأ اقليم القوانين
السمو: ان الشريعة الاسلامية تمتاز بالسمو عن القوانين الوضعية  أي مبادئها وقواعدها اسمى من مستوى الجماعة.
ونخلص في الاخير الى ان الشريعة الاسلامية تتضمن قواعد تشريعية مكتوبة ومقننة وعادلة وعامة ومجردة و اجتماعية وملزمة وسلوكية تنظم سلوك الافراد
معايير التمييز بين القانون العام والقانون الخاص:
للتمييز بين الققانون العام والقانون الخاص تم اعتماد مجموعة من المعايير وهي كالتالي:
- معيار المصلحة: حسب هذا المعيار فقواعد القانون العام ترمي لتحقيق مصلحة عامة بينما قواعد القانون الخاص تهدف الى تحقيق مصلحة خاصة. وهذا المعيار تعرض لنقد قوي يتمثل في ان قواعد القانون تحقق مصلحة المجتمع حتى ولو كانت هذه القواعد من فروع القانون الخاص,مثل الزواج من فروع القانون الخاص لكنه يحقق المصلحة العامة تتمثل في تكوين اسرة.
معيار القواعد الامرة والقواعد المكملة: حسبر هذا المعيار فان قوعد القانون العام قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتهالانها تتعلق بالنظام العام والاخلاق، اما القانون الخاص فقواعده مكملة يجوز الاتفاق على مخالفتها لانها لا تتعلق بالنظام العام، وايضا هذا المعيار لم يوفق في تميز الفرق بينهما والسبب راجع الى ان القانون الخاص فيه العديد من القواعد الآمرة.
معيار الدولة كطرف في العلاقة: حسب هذا المعيار فان وجود الدولة كطرف في العلاقة ينذر باننا امام القانون العام، اما كون جميع الاطراف اشخاص طبيعيين او معنويين فنحن امام قواعد القانون الخاص، ولكن يؤاخذ على هذا المعيار اهماله وتناسيه في كون الدولة تتدخل في  العديد  من الانشطة التي يقوم بها الخواص وعلى الاخص في النشاط الاقتصادي. 
معيار الدولة بما لها من سيادة وسلطان: حسب هذا المعير اذا تدخلت الدولة كطرف في العلاقة بما لها من سيادة وسلطان كنا امام قانون عام كما هو الشان بالنسبة لمسطرة نزع الملكية من الخواص لاقامة مشاريع عامة مع التعويض، اما اذا تدخلت الدولة كطرف عادي في العلاقة فنكون امام قانون خاص، وذلك كما لو اكترت الدولة ارضا لاقامة مدرسة فانها في هذه العلاقة في اطار القانون الخاص.
معايير التفرقة بين القواعد الآمرة والقواعد المكملة: اذا كانت القواعد الآمرة هي التي لايجوز الاتفاق على مخالفتها  لانها تتعلق بالنظام العام والاخلاق، فان القواعد المكملة عكس ذلك  اي يجوز الاتفاق على مخالفتها لانها لا تتعلق بالنظام العام وللتميز بينهما سنعتمد على معيارين احدهما معنوي والاخر لفظي.
المعيار اللفظي: يمكن معرفة القواعد  القانوننية هل هي آمرة ام مكملة من خلال الالفاظ استعملها المشرع في صيغة هذه القاعدة فاذا جاءت على صيغة الامر او النهي او فرض عقوبات على المخافين نكون امام قواعدآمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ، اما اذا ورد في النص ما يبيح للافراد الاتفاق على مخالفته كا اما قواعد مكملة.
المعيار المعنوي: اذا كنت  القاعدة تتعلق بالنظام العام والاخلاق كنا امام قواعد آمرة، اما اذا لم يكن الامر كذلك كنا امام قواعد مكملة.
تعريف النظام العام هو: مجموع الاسس الخلقية التي يقوم عليها المجتمع بحيث لا يجور الاتفاق على مخالفتها لان مخالفتها تخدش كرامة المجتمع وتجرح شعوره,    
.

ليست هناك تعليقات

© جميع الحقوق محفوظة صفحات قانونية 2020 - حقوق الطبع والنشر | الناشر صفحات قانونية | سياسة الخصوصية