الخميس، 17 أبريل 2014

الركن القانوني للجريمة

الفصل الثاني : أركان الجريمة

للجريمة اركان ثلاثة لا يمكن ان تتحقق الا بتوفرها وهذه الاركان هي : الركن القانوني والركن المادي والركن المعنوي.
!- الركن القانوني:

 المقصود بالركن القانوني للجريمة هو ان التصرف مهما كان ضارا بالمجتمع او الفرد فانه لا يعتبر جريمة الا اذا تدخل المشرع واعتبره كذلك من خلال نصوص قانونية تجرم الفعل او الترك ، وهذا ما يعبر عنه بمبدأ شرعية التجريم والعقاب.
                                                    *            المبحث الاول: مبدأ شرعية التجريم والعقاب
ان هذا المبدأ يتضمن شرعيتي التجريم والعقاب يقابله في التشريع الاسلامي قوله تعالى " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" اي ان الشريعة الاسلامية لا تعاقب الفرد قبل ان تبعث اليه رسولا يبين له الواجب والحرام...فلا عقاب على فعل لا يوجد فيه نص، ويلاحظ على ان القانون الوضعي اخذا بهذا المبدأ من خلال قاعدة " لا   جريمة ولا عقوبة الا بنص" والمشرع المغربي بدوره أشار الى هذا المبدأ في الفصل الثاني من القانون الجنائي"لا يسوغ مؤاخذة احد على فعل لا يعد جريمة بصريح القانون ولا معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون"
    *            المطلب الاول: الفائدة من من مبدأ شرعية التجريم والعقاب وتقييمه
من خلال تقييم مبدأ شرعي التجريم والعقاب يمكن استخلاص فائدتين ، الاولى في مصلحة الجماعة حيث من حق الجماعة ان تعرف مسبقا الافعال المجرمة حتى تتجنبها والافعال المباحة حتى تأتيها، والفائدة الثانية هي في مصلحة الفرد وتتجلى هذه الفائدة في حماية حقوقه من شطط القاضي بحيث انه لا يمكنه تجريم افعال لا تعتبر جرائم ولا  الحكم بعقوبات لم يقررها القانون، وايضا حماية حقوقه من المشرع فهو لا يستطيع تجريم لافعال سابقة الا في حدود ضيقة واستثنائية لمصلحة المجتمع .
    *            المطلب الثاني : النتائج المترتبة على مبدأ شرعية التجريم والعقاب
يترتب على هذا المبدأ قاعدتان : عدم رجعية القانون، وعدم التوسع في تفسير القانون الجنائي.
Ø     قاعدة عدم رجعية القانون:
يقصد بهذه القاعدة انه عندما يقرر القانون نصا قانونيا متى يطبق هذا القانون؟
الواقع ان الهدف امن معرفة تاريخ تطبيق القانون هو اطلاع المكلفين على القانون الذي سيطبق عليهم حتى لا يحتج عليهم بقاعدة " لا يعذر احد بجهله للقانون" والتحقيق ذلك فان النشر في الجريدة الرسمية هو السبيل الوحيد ولأمثل لإعلام المكلفين بتاريخ سريان مفعول هذا القانون، بمعنى ان القانون ينبه قبل ان يعاقب وهذا ما قرره المشرع المغربي(في ف.4. من .ق.ج) " لا يؤاخذ احد على فعل لم يكن جريمة بمقتضى القانون الذي كان ساريا وقت ارتكابه"
وأهمية هذه القاعدة جعلت المشرع المغربي يكرسها في دستور 2011 وذلك في الفصل 6 .
لكن هذه القاعدة ترد عليها بعض الاستثناءات خاصة بالنسبة لقوانين الموضوع ونعرض لاهم هذه الاستثناءات:
-         حالة القوانين الجنائية المنصوص عليها صراحة من طرف المشرع: اي الحالات التي يتدخل المشرع و ينص صراحة على ان هذا القانون يطبق بأثر رجعي على بعض القضايا.
-         حالة القوانين الجنائية الأصلح للمتهم: بمعنى انه في حالة ارتكاب جريمة  من طرف شخص وفي خلال محاكمته اي لم يصدر الكم النهائي صدر قانون جديد فإنه يتم تطبيق القانون الاصلح للمتهم اي الذي فيه فائدة اكبر للمتهم.
-         حالة القوانين المفسرة: قد يوجد نص في القانون نص غامض لا تطبقه المحاكم وبالتالي يلجأ المشرع الى إصدار نص جديد يفسر القديم ، ويشترط في النص الجديد المفسر ان يتطابق مع النص القديم من حيث النطاق الزماني دون خرق لقاعدة عدم رجعية القانون.
-         حالة القوانين الجنائية المتعلقة بتدبير من تدابير الوقاية: اي انه لا يجوز الحكم بتدبير وقائي الا في الاحوال  وطبق الشروط المقررة في القانون وقت صدور الحكم.
-         حالة القوانين المتعلقة بتنفيذ العقوبات او بتعديل مسطرة هذا التنفيذ : ما دامت الحقوق تأطرها القواعد المتعلقة بالتجريم من جهة والعقاب من جهة اخرى فليس هناك ما يدعوا للقلق من المساس بحقوق الافراد من خلال هذه القوانين.
أما فيما يخص قوانين الشكل المتعلقة بالبحث التمهيدي والتحقيق الاعدادي والمحاكمة فإنها تخضع لقاعدة عدم رجعية القانون.
Ø     قاعدة عدم التوسع في تفسير القانون الجنائي:
عند وضع النص القانوني من طرف المشرع فانه يتوخى ان يكون النص واضحا، الا انه في بعض الاحيان تأتي صياغة بعض النصوص غامضة مما يضطر القاضي الى الاجتهاد في تفسير وتوضيح هذا الغموض لانه لا يمكنه الامتناع عن تطبيق النص القانوني بحجة غموضه او عدم كفايته و الا اعتبر منكرا للعدالة وعوقب، لذلك وجب عليه تفسير ذلك النص للوصول الى قصد المشرع دون خرق لمبدأ شرعية التجريم والعقاب.
طرق التفسير:
-         التفسير التشريعي: ملزم للقاضي لانه لا يخلق نصا جديدا و انما يوضح القديم
-         التفسير الفقهي: غير ملزم للقاضي يأخذه على سبيل الاستئناس لا اقل ولا اكثر
-         التفسير القضائي او الاجتهاد القضائي : يتميز القانون الجنائي عن غيره من القوانين الأخرى بقاعدة عدم التوسع في تفسير القانون ، اي ان على القاضي تفسير النص وكشف الغموض الذي يكتنفه لأنه إذا توسع في تفسيره من شأن ذلك اان يخلق قواعد جديدة، بالإضافة إلى أن الغموض يفسر لصالح المتهم، كما انه لا يجو للقاضي استخدام القياس في التفسير من اجل تحديد العقوبات.
                                                    *            المبحث الثاني: تقسيم الجرائم من حيث الركن القانوني:
تنقسم الجرائم من حيث الركن القانوني الى جنايات وجنح ومخالفات والى جرائم عادية وجرائم سياسية وجرائم عسكرية وجرائم متلبس بها وجرائم غير متلبس بها.
    *            المطلب الاول: الجنايات والجنح والمخالفات :  
ان الحديث عن الجنايات والجنح والمخالفات يفرض التطرق الى اساس هذا التقسيم والى النتائج المترتبة عن هذا التقسيم
أ‌-       اساس التقسيم: ان تقسيم الجرائم الى جنايات وجنح ومخالفات يعود اساسا الى خطورة الجريمة والى العقوبة التي يقررها المشرع لكن هذا التقسيم يصبح رباعيا حسب الفصل 111 من ق.ج " الجرائم إما جنايات او جنح تأديبية، او جنح ضبطية او مخالفات"
وهي على التفصيل التالي:
-         الجريمة التي تكون عقوبتها الاعدام او السجن المؤبد او المؤقت من خمس سنوات الى ثلاثين سنة او الاقامة الاجبارية او التجريد من الحقوق الوطنية تعتبر جناية اصلية.
-         الجريمة التي يعاقب عليها القانون بالحبس او بالغرامة التي تتجاوز 1200 درهم وأقل مدة الحبس شهر، واقصاها خمس سنوات، باستثناء حالات العود تعتبر جنح اصلية
-         الجريمة التي يعاقب عليها القانون بالحبس الذي حده الاقصى عن سنتين تعد جنح تأديبية
-         الجريمة التي يعاقب عليها القانون بحبس حده الاقصى سنتان او اقل او بغرامة تزيد عن 1200 درهم تعد جنحة ضبطية.
-         الجريمة التي تكون عقوبتها الاعتقال لمدة تقل عن شهر او الغرامة من 30 الى 1200 درهم تعد مخالفة.
ب‌-  النتائج المترتبة عن هذا التقسيم:
ان تقسيم الجرائم الى جنايات وجنح ومخالفات تترتب عليه عدة نتائج سواء من حيث التحقيق والتقادم والاختصاص وحالة العود والمحاولة والمشاركة.
-         من حيث التحقيق:
-         طبقا للفصل 83 من قانون المسطرة الجنائية يكون التحقيق إلزامي في :
-         الجنايات المعاقب عليها بالإعدام او السجن المؤبد او التي يصل الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها ثلاثين سنة.
-         في الجنايات المرتكبة من طرف الأحداث
-         في الجنح بنص خاص في القانون
ويكون التحقيق اختياريا في غيرها من الجنايات والجنح المرتكبة من طرف الاحداث وفي الجنح بنص خاص التي يكون الحد الاقصى للعقوبة خمس سنوات او اكثر .
اذا يتبين على ان التحقيق يكون الزامي او اختياري استنادا الى معيار العقوبة وصفة المجرم.
-         من حيث التقادم:
-         الجنايات تتقادم بمرور 15 سنة من يوم ارتكاب الجناية
-         الجنح تتقادم بمرور 4 سنوات من يوم ارتكاب الجنحة
-         المخالفة تتقادم بمرور سنة واحدة من يوم ارتكاب المخالفة
-         من حيث المحاولة:
في الجنايات يعاقب عليها بشكل مطلق، في الجنح لا يعاقب عليها الا بمقتضى نص خاص، في المخالفات لا عقاب عليها مطلقا.
-         من حيث الاختصاص :
يجب التمييز بين الاختصاص النوعي والاختصاص المكاني.
فالاختصاص النوعي يكون كالتالي: الجنايات ينعقد الاختصاص فيها الى غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف(الغرفة الجنائية الابتدائية والغرفة الجنائية الاستئنافية)الجنح والمخالفات ينعقد الاختصاص فيها للمحاكم للابتدائية.
اما الاختصاص المكاني فينعقد للمحكمة التي يقع في دائرة نفوذا إما محل ارتكاب الجريمة او محل اقامة المتهم او محل اقامة احد المساهمين او المشاركين في الجريمة او محل القاء القبض على احدهما حتى ولو كان القبض مترتب عن سبب آخر.
-         من حيث العود:
-         في المخالفات تتحقق حالة العود اذا ارتكبت نفس المخالفة خلال السنة التالية للنطق بالحكم في المخالفة الاولى.
-         في الجنح يعتبر المتابع في حالة العود اذا توفرت ثلاث شروط:
+ كونه عوقب بالحبس على الجنحة الاولى والحكم حاز قوة الشيء المقضي به
+ ارتكاب جنحة مماثلة داخل اربع سنوات من تمام التقادم او تنفيذ العقوبة الاولى
+ كون الجنحة الثانية يعاقب عليها بالحبس ايضا
-         في الجنايات يعتبر الجاني في حالة العود متى حكم عليه بعقوبة جنائية وحاز حكمها لقوة الشيء المقضي به ثم ارتكب جناية ثانية يعاقب عليها.
-         من حيث المشاركة:
بالنسبة للجنايات والجنح المشارك يعاقب بنفس العقوبات المقررة لتلك الجناية او الجنحة، اما المخالفة فلا عقاب على المشاركة إطلاقا.
                            *            المطلب الثاني: الجرائم العاديون والجرائم السياسية
يقصد بالجريمة السياسية عموما النشاط السياسي المخالف للقانون الجنائي، اما الجريمة العادية هي الجرائم المرتكبة لأهداف غير سياسية.
ان غموض كلمة "السياسة" وتعذر اعطاء تعريف دقيق وجامع للجرائم السياسية يحتم علينا البحث في معايير التفرقة بين الجرائم العادية و والجرائم السياسية وبالتالي الوصول الى كيفية معاملة المشرع المغربي للمجرم السياسي.
v    معايير التفرقة بين الجرائم السياسية والجرائم العادية
ان الجرائم التي عاقب عليها المشرع بعقوبة سياسية لا اشكال فيها، لكن قد نكون امام جريمة مركبة تعتبر عادية من حيث طبيعتها، الا انها ارتكبت لهدف سياسي كالاعتداء على حياة رئيس الدولة مثلا.
ومن اجل التفرقة بين الجرائم السياسية والعادية يتم اعتماد احد المعيارين الشخصي او الموضوعي.
-         فالمعيار الشخصي ينظر في الباعث الذي انطلق منه المجرم فإذا كان الباعث سياسي اعتبرت جريمة سياسية اما اذا كانت غير ذلك فلا تعتبر كذلك.
-         اما المعيار الموضوعي فهو ينظر الى موضوع الحق الذي وقع عليه الاعتداء ولا يأبه بالباعث، اي ان  الجاني الذي قام بالاعتداء على الحقوق السياسية للافراد او بمصلحة سياسية للدولة يعتبر يعتبر مجرم سياسي بغض النظر عن الباعث وهذا المعيار معمول به في العرف الدولية,
v    معاملة المشرع المغربي للمجرم السياسي :
لقد تعاملت النصوص القانونية المغربية مع المجرم السياسي بالشدة تارة والرأفة تارة اخرى، بحيث أن المجرم السياسي حسب القانون لمغربي يستفيد من العفو في العديد من المناسبات ومن ظروف التخفيف، لكن المجرم لسياسي لا يطبق عليه الاكراه البدني بأي شكل من الاشكال.
كما انه يتم تطبيق عقوبة الاعدام على المجرم السياسي في العديد من الجرائم كالمؤامرة او المس بسلامة الدولة الخارجية او الداخلية ، كما انه في حالة الاعتداء على حياة الملك او شخصه لا يتمتع المجرم السياسي بالأعذار القانونية في هذ الحالة.
                            *            المطلب الثالث: الجرائم العادية والجرائم العسكرية
ان الجرائم العادية كالقتل والسرقة والخيانة والنصب والفساد قد يرتكبها العسكريون والمدنيون، لكن الجرائم العسكرية مثل الفرار من الجندية والاستسلام للعدو...لا يرتكبها الا العسكريين ،فهذه الجرائم لها قانون خاص وقضاء خاص(القضاء العسكري)
                            *            المطلب الرابع: الجرائم المتلبس بها والجرائم غير المتلبس بها
تتحقق الجرائم المتلبس بها طبقا للفصل 56من قانون المسطرة الجنائية "بجناية او جنحة:
1-    اذا ضبط الفاعل اثناء ارتكابه الجريمة او اثر ارتكابها.
2-    اذا كان الفاعل ما زال مطاردا بصياح الجمهور على اثر ارتكابها
3-    اذا وجد الفاعل بعد وقت قصير على ارتكاب الفعل حاملا اسلحة او اشياء تدل انه شارك يف الفعل الاجرامي او وجدت عليه علامات تتبت مشاركته في الجرم,
-         يعد بمثابة تبلس بجناية او جنحة ارتكاب جريمة داخل منزل في ظروف غير الظروف المنصوص عليها في الفقرات السابقة اذا طلب مالك المنزل من النيابة العامة او من ضابط الشرطة القضائية معاينتها.

-         والجرائم العادية (غير المتلبس بها)هي التي لا تدخل في احدى الحالات المنصوص عليها في الفصل 56 اعلاه. 

ليست هناك تعليقات

© جميع الحقوق محفوظة صفحات قانونية 2020 - حقوق الطبع والنشر | الناشر صفحات قانونية | سياسة الخصوصية