السبت، 7 مارس 2015

تاريخ الضريبية في المغرب

المقدمة :
     تحتل الضرائب في العصر الحديث مكانة مهمة باعتبارها تمثل أهم مصدر للإيرادات التي  يمكن أن تحصل عليها الدولة لسد حاجتها من النفقات.
لم تظهر الضرائب بمفهومها الحالي إلا بعد أن مرت بتطورات عديدة، فالضرائب لم تكن معروفة من قبل الأفراد الذين عاشوا على هيئة جماعات وعشائر والسبب في ذلك يعود إلى انعدام المرافق المشتركة والحاجات العامة التي تستلزم الضرائب.
     إلا أنه بمرور الزمن وظهور الحياة الجماعية أصبحت حاجة الأفراد غير قاصرة على الدفاع وإنما ظهرت الحاجة إلى المحافظة على الأمن والفصل في المنازعات التي تقوم بين الأفراد فكان لهذه الأسباب أن دفعت الرئيس أو الأمير إلى أن يستعين بالهبات والتبرعات التي تقدمها طبقة الأغنياء من الرعية .
     وبعد انعدام روح التعاون بين الأفراد وتعقد الحياة والعلاقات العامة اتجه الحكام إلى فرض التكاليف الإلزامية كالدفاع والمحافظة على الأمن وتم فرض هذه التكاليف على الأموال عن طريق الرسوم مقابل ما يحصل عليه الأفراد من منفعة خاصة يتم تقديمها لهم من خلال المرافق العامة مثل اجتياز الطرق وعبور الجسور إلى آخره من الخدمات .
     إلا أن حاجات الأفراد لم تقف إلى حد معين وإنما أخذت بالتوسع اللامحدود  بالإضافة إلى ازدياد نفوذ الرؤساء الذين لجأووا إلى فرض التكاليف على الأفراد من اجل هذه الاحتياجات حتى ولو لم يحصل الأفراد على منفعة خاصة لقاء دفعهم للضرائب مثل فرض الضرائب على المحلات والأسواق والمعاملات باعتبارها ضرائب غير مباشرة.
     لكن احتياجات الدول ونفقاتها لا زالت في تضاعف مستمر مع تطور الحياة مما جعل من الضرائب غير المباشرة غير كافية لسد هذه النفقات مما دفع الدول إلى فرض الضرائب المباشرة معتبرة  إياها واجبا تضامنيا يقوم الأفراد بدفعها مشاركة منهم في تحمل الأعباء العامة .
     وبعد أن استقرت الضرائب على ما هي عليه من مفهومها الحالي أصبح اهتمام الدولة بها لا على أساس اعتبارها من الموارد المالية المهمة للدولة فحسب ولكن على أساس أنها أصبحت من أهم الأدوات الرئيسة المستخدمة في السياسة الاقتصادية والاجتماعية والتي تلجأ إليها الدول لتحقيق أهدافها .
وللأهمية التي تتمتع بها الضرائب بالوقت الحاضر فان دراستها أصبحت من الموضوعات المتشابكة والمتعددة لذا سوف تنصب دراستنا في هذا البحث على جانب لا يخلو من الأهمية في دراسة موضوع الضرائب إلا وهو الأساس القانوني الذي تستند إليه الدولة في فرضها، ونطرح السؤال ما هي العوامل المؤثرة في تطور الضريبة على مر العصور؟ وما هي العوامل المتحكمة في تطور الضريبة ؟ وما هي العلاقة التي تربط الحاكم بالممول فيما يخص الضريبة ؟ هل هي علاقة صراع أم علاقة رضا ؟ قد نجيب على هده الأسئلة من خلال التصميم التالي :
المبحث الأول :بساطة الضريبة في نشأتها
المطلب الأول: العصور القديمة
المطلب الثاني: العدالة الضريبية في العهد الإسلامي
المطلب الثالث:  العصور الوسطى
المطلب الرابع: بداية تقنين الضريبة في الدولة المعاصرة
المبحث الثاني : تجاذب في الضريبة بين الحاكم والمحكوم بالمغرب :
المطلب الأول :الضريبة بين الوازع الديني وسلطة المخزن
المطلب الثاني : التأسيس القانوني للضريبة مع الحماية
المطلب الثالث : مرحلة الإصلاح وتجميع الضرائب

المبحث الأول: بساطة الضريبة في نشأتها.
       لقد مرت الضرائب من مجموعة من المراحل من مرحلة عدم التقنين إلى مرحلة التقنين ، وقد عرفت خلال هده المراحل مجموعة من التقلبات فلم يعرف العالم ضريبة واحدة فقط بل الضرائب تتغير من عصر إلى آخر ،وتتغير أيضا بتغير دور الدولة ووظائفها، فعندما يثار موضوع القانون الضريبي تثار معه عدة أسئلة هامة بالظهور الأولي للضريبة ،وأيضا نتساءل عن العوامل المتحكمة في ظهورها أمام اختلاف المراحل ؟
المطلب الأول: العصور القديمة
العصر الفرعوني: عرفت مصر الضرائب منذ أقدم العصور، قد عرفت خلال عهد الفراعنة ضرائب مباشرة و غير مباشرة، ففرضت ضرائب مباشرة على دخل الثروة العقارية و الثروة المنقولة، على أساس إحصاء للسكان و الأموال كل سنتين، و كانت الضريبة تلحق بالدخول تبعا لأهميتها و لمقدار الرأسمال، و اتخذت شكل جزية الرؤوس و شكل السخرة ،ويعفى منها الكهنة و الموظفون، و كانت تعد قوائم للمكلفين و يحصر وعاء الضريبة تارة بواسطة السلطة المركزية و تارة أخرى بواسطة السلطات المحلية.
كذلك عرف نظام الضرائب الفرعوني الرسوم الجمركية، من خلال البضائع المستوردة من الخارج، كما عرف ضريبة التركات و كان سعرها مدرجا و يتراوح ما بين 5% أو 10%[1].
العصر اليوناني: ازدادت النفقات في العصر اليوناني الذي بدأ منذ سنة 323 قبل الميلاد نظرا لمخصصات العائلة المالكة و مرتبات الموظفين اليونانيين الكبير، أما الضرائب فقد رفعت عن اليونانيين و زيدت على المصريين، حتى أنها كانت تستنفد الجزاء الأكبر مما لديهم من المال، و كان أهم الضرائب في ذلك العصر الضرائب المفروضة على الحدائق، و بخاصة الكروم و الرسوم الجمركية، و رسوم الجمركية التي كانت تفرض على السلع عند انتقالها من مدينة إلى أخرى. بالإضافة إلى ذلك احتفظت الدولة لنفسها باحتكار إنتاج عدة سلع و بيعها للتجار بأسعار مرتفعة، و كانوا بدورهم يبيعونها للجمهور بأثمان باهضة، أما السلع الأخرى التي لا تحتكر الدولة إنتاجها فكانت تفرض على مبيعاتها ضريبة مرتفعة تستغرق جزءا كبيرا من الثمن فلا تترك للمنتج سوى ربح بسيط، هذا إلى جانب حق الدولة في مصادرة هذه السلع و الاستيلاء عليها[2].
العصر الروماني: لما فتح الرومان مصر في سنة 31 قبل الميلاد احتفظوا بنظام الضرائب الذي كان موجودا في العصر اليوناني، بل إنهم تأثروا به أنفسهم فنقلوا بعضه إلى نظام ضرائبهم، و من ذلك ضريبة التركات التي فرضوها بصفة دائمة منذ السنة 6 بعد الميلاد بمعدل 5% من التركة و ظلت هذه الضريبة قرونا عديدة مطبقة في الإمبراطورية الرومانية حيث انتقلت منها بعد ذلك إلى النظم الضريبية الحديثة[3].
المطلب الثاني : العدالة الضريبية في النظام الإسلامي
ولد النظام الضريبي الإسلامي بعد سنوات قليلة من ظهور الدعوة الإسلامية وقد وضع أسسه الخليفة عمر بن الخطاب، يقوم هدا النظام على فكرة العدالة في توزيع الأعباء العامة بين رعايا الدولة الإسلامية فالزكاة تفرض على الأغنياء أما الفقراء فهم يعفون منها و هم أصحاب حق فيها. و الجزية تفرض في كثير من الأحيان بشكل متدرج يتفق مع الطاقة الاقتصادية للمكلف. و الخراج يأخذ بعين الاعتبار القدرة الإنتاجية للأرض. و قد عرفت كل أنواع هده الضرائب عدة تطورات من بعد عهد الخلفاء الراشدين[4] .
أولا : الزكاة
تعريفها
و هي أول ضريبة في الإسلام طبقت اعتبارا من العالم الثاني لهجرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الزكاة صدقة. يقول تعالى :" خد من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها ...''. ولما كان الفعل (خد) في صيغة أمر تصبح إجبارية، و يقول تعالى أيضا:   " إنما الصدقات للفقراء و المساكين...". أي أن الزكاة للفقراء و المساكين، و يقول الماوردي " الصدقة زكاة و الزكاة صدقة . يفترق الاسم و يتفق المسمى "  فلا مجال لتفرقة بين الزكاة و الصدقة[5].
و بما أن الزكاة فبها عنصر الإلزام فهي تشبه من هده الزاوية الضرائب المعروفة حاليا إلا أن لهما عدة فوارق من بينها:
1.     و قد فرضت الزكاة لتحقيق عدة أهداف من أهمها تقليل الفوارق بين دخول الأفراد في حين الضريبة لها هدف أساسي و هو تمويل نفقاتها
2.     لا يجوز إلغاء الزكاة بكونها ركن إسلامي في حين يمكن للدولة متى دعت الضرورة إلغاء ضريبة من ضرائبها.
3.     الزكاة تفرض على الأغنياء فقط أما الضريبة فيمكن أن تفرض عليهما معا ( الضرائب على الاستهلاك).
4.     الزكاة تفرض على الدخول و رأسمال في حين الضريبة تفرض على احدهما فقط.
كما أن من بين شروط الواجبة في المكلف بالزكاة أن يكون مسلما حتى يكون أهلا للتكليف بلوغه و سلامة عقله و حريته .
المادة الخاضعة لزكاة
كقاعدة عامة تخضع للزكاة جميع الأموال مهما كان مصدرها و نوعها يقول تعالى : " خد من أموالهم صدقة و المال يشتمل على دخل العمل و دخل رأسمال و الدخل المختلط من العمل و رأسمال. غير أنها هده الأموال لا تخضع للزكاة إلا إذا توفرت ثلاث شروط أساسية :
1.     المال الخاص : بمعنى ان يكون ملكا للإنسان بوسيلة أو بأخرى من وسائل التملك، فان لم للمال مالك لا زكاة فيه و إن كان المال داخلا في ملكية  جماعية لا زكاة فيه أيضا.[6]
2.     المال الحلال :  لا تخضع للزكاة الأموال المملوكة ملكا غير مشروع . فلا زكاة في الأموال المختلسة أو المسروقة أو المزورة و لا زكاة في الأموال المتأتية من الربا و الرشوة و الغش[7].
3.     حولان الحول :أي أن يمر على الامتلاك المال 12 شهرا قمريا[8].
الإعفاءات من الزكاة
الزكاة و أن كانت واجبة على كل مسلم غير أنها تعرف إعفاءات كثيرة لأسباب شخصية و اجتماعية و مالية.
1.                  إعفاء الحد الأدنى الضروري للمعيشة أي ان الضريبة العادلة لا تفرض على مال الفرد دون النظر إلى حجمه و بغير دلك تتعرض حياته للخطر. أي ان الزكاة ضريبة شخصية لا ضريبة عينية.
إعفاء اللوازم الشخصية كالملابس و الأثاث المنزلية.
2.                  إعفاء الديون الميتة أي الديون التي لا يمكن استرجاعها
3.                  إعفاء ما يستخرج من البحر من جواهر و لؤلؤ و مرجان و عنبر (الحنفية و الزيدية)
4.                  إعفاء أموال الصبي و المجنون حسب رأي بعض الفقه
بالإضافة إلى هده الإعفاءات التي لم تذكر على سبيل الحصر دهب الفقه إلى عدم دفع الزكاة إن لم تنفق الدولة حصيلتها على أصحاب الحقوق الشرعية ( الماوردي).

تقييم الزكاة
يمكن تقييم الزكاة على أنها حق للبعض و واجب على بعض الآخر،إنها ضريبة نسبية و سلبية كما أنها تحارب الظواهر الاقتصادية السيئة.
1.     توزيع الزكاة:  تؤخذ من الأغنياء لتوزع على أصحاب الحقوق حسب قوله تعالى : " انما الصدقات للفقراء و المساكين و الغارمين وفي سبيل الله و ابن السبيل فريضة من الله و الله عليم حكيم ". و الزكاة ضريبة بمفهومها الحديث لأنها ستتحصل جبرا من قبل السلطة السياسية. و تختلف طريقة توزيع حصيلة الزكاة بين حالتين :
Ø  كفاية حصيلتها في سداد حاجات جميع الأصناف ( الفقراء و المساكين و العاملون عليها و المؤلفة قلوبهم و في الرقاب و الغارمون و في سبيل الله و أبناء السبيل ) و هنا في هته الحالة لا يجوز ترك صنف دون إنفاق.
Ø  عدم كفاية حصيلتها في سداد حاجات جميع الأصناف و بالتالي هنا لتغطية حاجات جميع الأصناف يمكن الأخذ بحلين و هما إما أن يتم توزيع الزكاة على جميع الأصناف حتى و أن لم تكن كافية لتغطية حاجاتهم أو أن توزع حصيلتها على أصناف معينة دون أخرى .
2.     الزكاة ضريبة نسبية : أن سعر الزكاة لا يتغير بتغير حجم المادة الخاضعة لها، و الزكاة ضريبة من أسمى الضرائب في نطاق العدالة الضريبية و الاجتماعية غير دلك لا يعني أن نهاجم الضرائب التصاعدية و دلك بكون الضريبة التصاعدية عادلة بسبب وجود الضرائب الغير المباشرة  . و الزكاة كذلك عادلة بسبب عدم تطبيق النظام الإسلامي للضرائب غير المباشرة.[9]
3.     الزكاة ضريبة سلبية ناجحة.[10] 
4.     الزكاة تحارب الاكتناز و ذلك باعتبار الزكاة ضريبة سنوية تفرض على الموال فإنها ستقضي على المدى الطويل للاكتناز. و عليه  فمن مصلحة المكتنز أن يستثمر أمواله و ينميها بدلا من أن يراها تتناقص باستمرار بالزكاة.
ثانيا:الجزية
تعريفها :
الجزية مبلغ من المال يدفعه الذمي لدولة الإسلامية مقابل حمايتها لشخصه و احترامها لحقوقه و بخلاف الضرائب الأخرى. يجتمع في الجزية المكلف بها و مادتها. فالمكلف بها هو غير المسلم القاطن في دا الإسلام و مادتها هي الوجود الذمي له، و مراعاة للعدالة الاجتماعية لم تفرض الإسلامية الضريبة على جميع أهل الذمة، بل أعفت منهم " الفقير و المسكين و المريض المزمن . و صاحب العاهة الجسمية و العقلية و الرهبان و المرأة و الصبي و العبد
جباية الجزية
بعد إحصاء عدد الرجال البالغين من أهل الذمة، يرسل سنويا خطابا للجهات الإدارية بتحصيل الجزية، و تقوم هده الجهات بأخذ الجزية دفعة واحدة أو بعدة أقساط إذا اقتنعت بعدم إمكانية المكلف دفعها دفعة واحدة،  و تأخذ الجزية بالنقود و لكن يجوز أن تحصل أموال عينية بشرط أن تكون غير محرمة و إلا تعين على أهل الذمة بيعها و دفع ثمنها بالنقود.[11]
·      تقييم الجزية
إن الهدف الأول من الجزية  هو ترغيب الأفراد للدخول في الإسلام،  فهي تسقط بالإسلام أما هدفها الثاني هو التوزيع العادل بين أفراد المجتمع من مسلمين و ذميين، كما أن الجزية هي ضريبة على الرؤوس باعتبار أن كل منهما مفروض على الوجود الذمي للشخص لا على أمواله، غير أن هذا لا يعني تشابه إثارهما و إحكامهما، فالجزية تدفع عندما يستطيع الذمي أن يتحملها اقتصاديا، و الجزية كذلك لا يكلف بها جميع أفراد أهل الذمة . و الجزية تسقط باعتناق الدين الإسلامي في حين أن الضريبة على الرؤوس لا علاقة لها بالدين، فهي تسري على الشخص مهما كان دينه.
ثالثا :الخراج
·      تعريفه
تحت الخلافة سيدنا عمر بن الخطاب اتسعت الدولة بعد فتح أراضي العراق و الشام و مصر و لقد اختلف المسلمون في أمر تلك الأراضي  هل تقسم على الفاتحين أم تبقى بيد أصحابها، كان من رأي عبد الرحمان بن عوف تقسيم الأراضي على الفاتحيين، غير أن عمر بن الخطاب عارض تقسيم الأرض و اقترح أن تبقى الأراضي بيد أصحابه على أن يدفعوا عنها ضريبة تسمى الخراج و قد دعم عمر رضي الله عنه موقفه هذا أن التقسيم يحرم اللاحقين من المسلمين من الاستفادة من الأراضي كما أن الخراج إنما هو إيراد عام يمكن أن يمول نفقات الدولة الإسلامية التي اتسع دورها و يمكن أن ينفق على المصالح المختلفة للمسلمين. فالخراج ادن هو مبلغ محدد من المال يدفع عن جريب ( وحدة قياس المساحة) الأرض المفتوحة التي تركت بيد أصحابها.[12]
·      الأراضي الخاضعة للخراج
هناك الأراضي التي فتحت عنوة و الأراضي البلاد التي عقد بينها و بين المسلمين الصلح و هي أراضي خراجية، غير أن طبيعة الخراج تختلف باختلاف الصلح. هناك الصلح على أن يتم التنازل على رقبة الأرض للسلميين بحيث تصبح الراضي مملوكة لبيت المال ولا يجوز بيعها و أن الخراج الذي يفرض عليها يكون في حكم الأجر مقابل الانتفاع بها وإذا اسلم صاحب حق الانتفاع لا تسقط عنه الخراج، و هناك كذلك الصلح على أن تبقى ملكية الأراضي لأصحابها لدلك يجوز بيعها و تسقط بإسلام مالكها.[13]
·      تقييم الخراج
إن عدالة الخراج تكمن عن عدم فرضه بسعر واحد في جميع الحالات، كما انه لا يحدد وفقا لنوع النتاج فحسب بل على اعتبارات أخرى منها خصوبة الأراضي و تكاليف الزراعة، إضافة إلى عدالته في طرق جبايته إذ انه يمكن سداده بالتقسيط مراعاة لظروف المكلف. و يمكن إعفاءه كليا و جزئيا في الأحوال الطبيعية السيئة، و للخراج كذلك أثار اقتصادية بحيث انه يفرض على الأراضي المزروعة و الصالحة للزراعة و دلك لتشجيع مالك الأرض من استثمار أرضه، كما انه في حالة استصلاح المكلف لوسائل التي تساعده في الزراعة فهي تخصم من مبلغ الخراج المترتب عليه . و في الخير الخراج ضريبة لا تفرض على نتاج الأرض بل على مساحتها.[14]
المطلب الثالث: الضريبة في العصور الوسطى

إن مولد القانون الضريبي الحديث مرتبط أشد الارتباط بظهور النظام البرلماني في العصور الوسطى و بالأخص في إنجلترا أولا و في فرنسا ثانيا، بحيث يمكن القول أن كل من القانون الضريبي و النظام البرلماني يؤثر و يتأثر بالأخر، فمن ناحية ظهر النظام البرلماني كرد  فعل نتيجة لوجود الأزمات المالية و حماية للمحلفين بالضرائب فالبداية التاريخية لهذا التلازم بين الضريبة كمفهوم و تطور الأفكار الديمقراطية كانت إنجلترا حينها اضطر الملك سارل الأول إلى أن يصدر عام 1628 و ثيقة إعلان الحقوق Petition of Rights التي تقرر فيها ضرورة موافقة البرلمان الإنجليزي على ما يفرض من ضرائب و في فرنسا على إثر الثورة الكبرى 1789 تم بعد ذلك في بلدان المعتنقة للمبادئ الديمقراطية، و تجسد هذا التطور في الحصول على موافقة وإذن البرلمان لفرض الضرائب، بحيث أقرت فرنسا أو الجمعية التأسيسية للثورة الفرنسية الكبرى سنة 1789 أنه لا ضريبة إلا إذا أقرتها الجمعية إقرارا صريحا و بملإ حريتها[15].
إختلفت التبريرات النظرية الإجتماعية و السياسية الخاصة بالأساس القانوني للضريبة باختلاف التطور الذي عرفته هذه الأخيرة و يمكن تجميع مراحل هذا التطور في مرحلتين رئيسيتين تقابلهما نظريتين إثنتين المرحلة الكلاسيكية القديمة التي عرفت بنظرية العقد الإجتماعي و التي  سأتناولها في هذا المطلب، و المرحلة الحديثة المعاصرة و اعتمدت على النظرية التضامن الإجتماعي و التي سأتركها مقدمة للمطلب الأخيرة بحيث ظهرت في العصر الحديث.
ظهرت نظرية العقد المالي في القرنين 18 و 19  في كتابات كل من هوبس و لوك و جان جاك روسو، الذين اعتبروا أن الأساس القانون للضريبة ذو طبيعة عقدية و هذا العقد هو عقد مالي يفترض من الناحية الضمنية التزامن متبادلين بين كل من الدولة و الأفراد، تلتزم الأولى بموجبه تقديم خدمات المرافق العامة و الأمن للأفراد و يلتزم هؤلاء بالمقابل بدفع الضريبة .
و تستند نظرية العقد المالي هذه إلى نظرية عرفت في هذه الفترة و هي نظرية العقد الاجتماعي التي تبناها فلاسفة المذهب الحر و التي انبنا محتواها المركزي على أن الفرد قد تنازل عند تكوين الجماعة البشرية عن جزء من حقوقه و أمواله للدولة حتى يحظى بحماية قوانينها.
و قد إختلف الكتاب الذين أخذوا بهذا النظرية في تكييف طبيعة العقد المالي المعتمد، فمنهم من قال بأنه عقد بيع خدمات أو إيجارات الأعمال مثل أدم اسميث ومنهم من رأى بأنه عقد الشركة التسيير و منهم من رأى أنه عقد تأميم منتسكيو و إميل دوجوار[16].

المطلب الرابع: القانون الضريبي في الدولة المعاصرة

تعتبر نظرية التضامن الاجتماعي أساس قانوني ثاني تنطلق من معطى وجود الدولة كضرورة تاريخية و اجتماعية، تقوم بإشباع الحاجات الجماعية و تعمل على تحقيق التضامن الاجتماعي سواء على مستوى أفرد الجيل الحاضر أم على مستوى أفراد الأجيال السابقة و اللاحقة، و هذا المعطى يعطي للدولة اعتمادا على مبدأ السيادة حق فرض الضرائب على الأشخاص الخاضعين لها و هؤلاء يلتزمون من جانبهم تجسيد الفكرة التضامن الاجتماعي، بدفع واجبهم الضريبي، فمبدأ التضامن الاجتماعي، يقضي بأن تتعاون الأمة بجميع أفرادها وكل حسب قدرته في تحمل تكاليف الحكم بغض النظر عن الشكل الذي تأخذه عملية الدفع، ومن ثم فإن الضريبة هي توزيع للأعباء العامة التي يقتضيها التضامن الإجتماعي بين مجموع الأفراد تكريسا لمبدأ مقابل و هو مبدأ التضامن المالي، و هذه النظرية صاحبها دوركايم[17].
تجمع الدساتير المعاصرة للدول على اختلاف نضم الحكم فيها على ضرورة قيام المجالس التشريعية بتوزيع الأعباء العامة، حتى لا يتم فرض أو تعديل أو الغاء ضريبة ما إلا بقانون تصدره السلطة التشريعية، و الذي أصبح فرض الضرائب و تعديلها حقا أصيلا لها دون السلطة التنفيذية و التي تراعي فقط تنفيد هذه القوانين بعد أن تحصل على الترخيص اللازم بجباية أموال الضرائب من السلطة التشريعية و سبل انفاقها، من خلال اعطاء لمحة تاريخية سريعة للقانون الضريبي في العصر الحديث، سأعتمد على الأنظمة الضريبة التي فرضت على الدول المعاصرة من دول تقليدية إلى دول رأسمالية و اشتراكية و أخيرا دول نامية.
من المتفق عليه أن النظام الضريبي هو مجموعة من الضرائب التي تطبقها دولة معينة خلال فترة زمنية معينة، فالأنظمة الضريبية تختلف باختلاف فلسفة الدولة الاجتماعية و باختلاف ظروفها الاقتصادية، الا أنه من الممكن و بتحفظ شديد ناجم عن خطورة التعميم المطلق تثبيت بعض الخطوط العريضة و السمات الأساسية للضرائب في الدول التالية[18].
الدول التقليدية
ضرائب ضعيفة المردودية بسبب صغر حجم النفقات العامة، ضرائب محايدة هدفها الأول تغطية نفقات الدولة دون تدخل في الحياة الاقتصادية و الاجتماعية.
الدول الرأسمالية
اعتماد ميزانيتها على الضرائب اعتمادا كبيرا جدا، لذلك فإن الضغط الضريبي في هذه الدول يكون مرتفعا عادة.
ضرائب تؤثر في الحياة الاقتصادية و الاجتماعية، فالضريبة تعتبر من أهم الوسائل التي تعتمدها الدولة لتوجيه اقتصادياتها و لتغيير المراكز الاجتماعية لأفراد.
ضرائب متنوعة و متزنة، فهنالك ضريبة على الدخول و ضريبة على الرأسمال و ضريبة على الاستهلاك و لا توجد ضريبة واحدة تحتل لوحدها نصف حصيلة الضرائب[19].
الدول الاشتراكية
ضرائب تخدم التخطيط الاشتراكي اذ أنها جزء من الخطة الاقتصادية
ضرائب لا يعتمد عليها حاليا في التحولات الاجتماعية: يقول زفيف وزير المالية السابق لاتحاد السوفياتي في أطروحته سنة 1959 ان الضرائب استطاعت في المرحلة الأولى أن تلعب دورا كبيرا في اقتصادنا حيث امكنها الحد و القضاء على الرأسمالية من الناحية الاقتصادية، الا أنها لا تلعب اليوم دورا مهما و لا تساهم الا بقسط ضئيل في  تمويل نفقات الدولة[20].
الدول النامية:
ضرائب تعتمد عل الاستهلاك و التجارة الخارجية أهمية الضرائب غير المباشرة، ضرائب هدفها الأول تغطية النفقات العامة. لذلك فهي كثيرا ما تكون غير عادلة.
ضرائب لم تستطيع المساهمة في التنمية الاقتصادية مساهمة فعالة رغم حاجة تلك الدول إلى التنمية و رغم تسابق الكثير منها الى منح اعفاءاة ضريبية لرؤؤس الاموال الاجنبية.
ضرائب لا تتناسب أهميتها مع أهمية القطاعات الاقتصادية. ففي الكثير من الدول النامية تتشكل الزراعة جزءا مهما من الناتج المحلي الاجمالي. ومع ذلك فإن حصيلة الضريبة الزراعية ضعيفة جدا. هذه السمة ناجمة عن أسباب مالية < أسعار ضريبية مخففة و تهرب ضريبي > و أسباب سياسية صيطرة بعض الطبقات على السياسة العامة للدولة.
ضرائب مقلدة لدول أخرى ناجمة في كثير من الاحيان عن علاقات إستعمارية[21].

المبحث الثاني : تجادب في الضريبة بين الحاكم والمحكوم بالمغرب :
 لقد ظهرت الضريبة كمورد اساسي لميزانية الدولة ، بل ان الدولة اي دولة، تعتمد بالاساس على مواردها الضريبة لسد الحاجات العامة ،ولممارسة مختلف وظائفها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها من الوظائف، والمغرب لايخرج عن هدا الاطار ، فقد مر النظام الضريبي المغربي من ثلاث مراحل مهمة ومختلفة لدلك سنحاول ان نعطي اطلالة ولو خفيفة عن مسار الضريبة بالمغرب،وعن العوامل المتحكمة فيها،والعلاقة السائدة بين الحاكم والممول في جباية الجباية .
المطلب الأول : الضريبة بين الوازع الديني وسلطة المخزن
  لم يكن المغرب يعرف قبل الحماية الفرنسية قانون للجباية ، ولكن هدا لا يمنع من القول ان المغرب عرف مجموعة من الضرائب خلال هده المرحلة ، دلك انه من المستحيل ان تسير الدولة خلال هده المرحلة بدون ضرائب ،لدلك فقد قام النظام  الضريبي المغربي خلال الفترة التقليدية القديمة على اسس دينية في المقام الاول وأخرى تجارية وأخرى سيادية .
اولا: الضرائب الدينية :
الزكاة:
       وهي ركن من اركان الاسلام الخمسة فقد اوجبه الاسلام على الاغنياء ودلك بنص قرأني صريح حيث يقول تعالى "وأقيموا ا الصلاة واتوا الزكاة "الى غير دلك من الآيات والاحاديث النبوية السابقة الدكر ، والمغرب باعتباره دولة اسلامية فقد اعتبره من اقدم الضرائب والتي حرص السلاطين على تنظيمها وجبايتها مند الفتح الاسلامي[22] ،وقد كانت تؤدى هده الضريبة عينا في مراحل معينة من تاريخ المغرب يعود تاريخ تطبيق الزكاة و الاعشار في المغرب الى فترة دخول الاسلام الى هدا البلد[23]،وهي الضريبة الوحيدة التي ظلت تحترم من طرف الحاكم والمحكوم على السواء مند نشأتها الى ان غيرت وعدلت في نهاية القرن 19 مع ظهور نظام جبائي جديد كان يسمى بالترتيب واحترامها من طرف العديد يعود الى عدة اسباب : منها ما هو ديني ومنها ما هو اجتماعي ومنها ما هو تقني [24]،ولكن سرعان ما فقدت هده الفريضة صفتها الالزامية ، واصبح أداؤها متوقفا على الوازع الديني فقط ، وفي رسالة للسلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان الى احد قواده  جاء فيها " وبعد فغير خاف عن الجميع المسلمين ان الزكاة ركن من اركان الاسلام واحدى قواعده التي بني عليها ، ولا يتم الا بها ووجوبها معلوم من الدين بالضرورة فجاحدها كافر ومانعها يقاتل وهي اخت الصلاة ،ويرجع البعض سبب فقدانها الى الالزامية هو ان بعض السلاطين اصبحوا يفرضونها نقدا وليس عينا [25].
الجزية :
       وهي ضريبة على الرؤوس يدفعها الدين يقيمون في دار الاسلام مقابل اقامتهم وحماية لشخصهم وصونا لحقوقهم  ، وكان الهدف منها دفع الدميين لاعتناق الاسلام[26] ، وقد فرضت مند تولية السلطان ادريس الثاني الحكم في 808 م[27]الا انه سرعان ما استعيض عن الهدف الديني بالطابع السيادي وحلت محلها الهدية وهي عطاء  تمنح لسلطان في الاعياد الدنية الثلاثة .
الخراج :
       وهي جباية اسلامية طبقت على الاراضي المفتوحة من قبل المسلمينوتركت بيد اصحابها[28]، وتطبيق الخراج بالمغرب  يرجع الى كل من حسان بن نعمان وعهد عبد المومن بن علي الدي اعتبر اول من ادخل الخراج الى المغرب الاقصى ،وقد منح المكلف بالخراج اعفاءات ضريبية في الظروف الطبيعية السيئة كالجفاف ، ويلاحظ ان الخراج لا يسري فقط على الاراضي المزروعة فعلا بل كدلك على الاراضي الصالحة للزراعة وان لم تزرع ودلك قصد تشجيع الاستثمار[29]،ولكن سرعان ما اختفت هده الضريبة وفتحت المجال لضريبة عقارية اخرى هي النايبة التي فرضت في الغالب في عهد الدولة السعدية [30]وهناك ضرائب اخرى مثل الحركة والتي تمثل ما يطلبه السلطان من القبائل للمساهمة في تمويل الحملات العسكرية ، والمؤنة وهي تقدمة عينية تؤديها القبائل لموظفي المخزن
ثانيا :الضرائب التجارية :
المكوس :
يمكن اعتبار المكس رسوما تجارية غير مباشرة تطبق على التبادل التجاري الداخلي عند مداخل او ابواب المدن واسواقها ،وفي الواقع المغربي ، خاصة مع تنامي الحاجة الى الموارد المالية وجد المكس في وضع تجادب بين الطابعين الشرعي وغير الشرعي في جبايته بل انه اضحى كمفهوم عن اي ضريبة ممقوتة من طرف العلماء ودافعيها من العامة ،وبداك كان المكس يعرف حالات مد وجزر في التطبيق انطلاقا من الاوضاع السياسية والادارية العامة للآسر الحاكمة ،وكان يعرف تناميا في الاخد به في فترات تاريخية متسمة بضعف السلطة الحاكمة[31] .
ويعتبر المكس من اقدم الضرائب التي عرفها المغرب ،اد كانت تجبى فعلا من القرن الخامس الهجري ،ثم توقف العمل في عهد المرابطين لتظهر من جديد مع دولة الموحدين ، ثم تختفي مرة اخرى في حكم الدولة السعدية.
وفي منتصف القرن الثاني عشر وضع السلطان مولاي محمد بن عبد الله تنظيما دقيقا للمكوس على الوجه التالي : ضريبة تؤدى عند ابواب المدن ، وضريبة السوق تدفع بمناسبة تبادل السلع في الاسواق المحلية .وكانت تجبى المكوس بطريقة منتظمة ابتداء من عام 1874[32] .
وادا قفزنا قفزة تاريخية الى القرن 19 نجد ان جل الانتفاضات التي قامت في هدا القرن كانت دات طابع جبائي ،وما يهمنا هنا هي تلك التي تتعلق بالمكوس اقصد انتفاضة فاس لسنة 1873 م ،هده الانتفاضة التي عبر فيها الممول المغربي عن سخطه من السياسة الجبائية للمخزن ، ولكن هناك انتفاضات اخرى سبقت هده مثلما اعقباتها انتفاضات مماثلة لكننا نورد هنا حركة الدباغين بفاس ، كنموذج للطريقة التي يعبر بها الممول الحضري عن تدمره من المكوس .
لقد بايع اهل فاس السلطان مولاي الحسن ، واشترط الدباغون في بيعتهم ان يزال عنهم المكوس ، وعلى اثر وساطة احد الشرفاء بين الدباغين والسلطان " سحب الماكسون من الاماكن التي كانوا يجلسون فيها لقبض المكس بابواب المدينة والفنادق وشبيهها ". وفورة اتمام البيعة اعاد محمد ابن المدني بنيس ، امين مستفاد فاس ، المكاسين الى اماكنهم فصار اهل فاس الى داره غير ان احد عبيده ردهم بالنار. وكان دلك يوم 15 اكتوبر 1873 م ، فندلعت الفتنة على اثر طلقة النار وصور لنا صاحب البستان هيجان العامة كالتالي :" فاتهبوا داره في سويعة قليلة اي انتهاب ، حتى انهم سلبوا العيال من الثياب ، وظهر في دلك العجب العجاب . ياتي الواحد فيزيل بيده المصرعين وموقف الاباب مع شدة احكامها ، فتصير تحت يدي المزيل كأنها ايهاب . وشهد الواحد يعمد الى شبابيك الحديد الكبيرة ويخرج بها او بالباب ويخرج بدلك حاملا له وحده ، فادا وضعه بالمحل الدي قصد به عجز عن حمله بعد دلك ولو اعين عليه . وهكدا حتى لم يبقى في الدار سوى حيطانها في اقرب مدة ...وماتفطن احد لما بداخل الابهو[33] "
ان المكوس كانت بمثابة ضريبة تثقل كاهل العامة وبالخصوص فئة التجار ، بل اكثر من دلك كانت تفرض عليهم بالقوة ،وقد كانت نتائجها سلبية كما عبر على دلك النص السابق.
الضرائب الجمركية :
وهي عبارة  عن رسوم غير مباشرة تطال البضائع دات المصدر الخارجي ،يقوم بجبايتها امناء المراسي وقد شكلت هده الرسوم نسبا هامة في الموارد المالية للمخزن في الكثير من الفترات التاريخية .الا ان الظروف الاقتصادية العامة للبلد والتأثير الدي سيطال ماليته بفعل ارجاع القروض الى بعض القوى الاستعمارية (فرنسا واسبانيا ) سيعطي لهده الاخيرة  مجموعة من الامتيازات على هدا النوع من الجباية وصلت مستوى الاشراف المباشر على استيفائها .
هدا وقد تميزت هده الفترة ، لاسيما ابتداء من الربع الاخير من القرن التاسع عشر ، بالفوضى الضريبية ، فقد واجه المغرب مواقف صعبة بسبب الحمايات والامتيازات التي  حصلت عليها الدول الاوروبية بمقتضى المعاهدات التي ابرمتها مع المغرب في فترات متباعدة . وبمقتضى هده المعاهدات اعفى الاجانب من الضرائب والرسوم التي يتحملها المغاربة باستثناء الضريبة الجمركية ، ورغم انها كانت معاهدة ثنائية ، الا انها كانت تستفيد منها باقي الدول الاوروبية نظرا لشمولها نص الدولة الاكثر رعاية[34].
اكثر من دلك حتى المغاربة سواء كانوا يهود او مسلمينالدين يدخلون تحت رعاية احدى هده الدول يعفون هم الاخرون من هده الضرائب ، ففي الوقت الدي اصبح فيه المغرب في امس الحاجة الى المال ،ينفلت جزئ كبير من الثروة من يد الجباية الفلاحية والحضرية والجمركية بمجرد تقديم بطاقات "الحماية" الى الجابي [35]وهدا ما سيؤدي الى  فرض ضرائب جديدة على المواطنين المغاربة ، فقد كانت اغلب الاتفاقيات التي تم ابرامها مع الدولة ترمي في الغالب الى حماية الاجانب من مجموعة من الضرائب مما سيؤدي لامحالة الى افلاس خزينة الدولة وبالتالي البحث عن موارد جديدة ، وهدا ايضا ماسيؤدي الى استنزاف الخزينة وبالتالي سيصبح السلطان ملزم للخضوع الى كل الاتفاقية التي قد يبدي فيها الاجانب بعض الجانب من الربح الى السلطان ،وكان من ابرز الاسباب التي ادت بالسلطان الى قبول اعفاء الاجانب من الضرائب هو هروب المستثمرين من المغرب وبروز بعض الدول الاخرى التي تنافس المغرب بشكل كبير والتي تتوفر على جودة عالية من الانتاج المغربي .
ثالثا : الضرائب السيادية :
على المستوى السيادي ظهرت في هده الفترة عدة فرائض وعطايا ظرفية ومختلفة من حيث التسمية والاهمية منها ما كان خاصا بالسلطان ومنها ما كان يعكس طبيعة علائق القوة السائدة ويحاول تلبية متطلبات تزايد النفقات العامة خاصة العسكرية منها وقد طبعت الجباية في هده المرحلة بطابع سياسي  صرف سواء على المستوى الداخلي اد استعملت كوسيلة للاستمالة او لتأديب  القبائل المتمردة على السلطة المركزية ، بحيث ان الضريبة اعتبرت في اغلب الحالات "ضريبة حرب تؤدى للمخزن " وعلى المستوى الخارجي حيث ان النظام الجبائي التقليدي قرن بفريضة الجهاد المغذي للمؤسسات السياسية .ومن اهم الجبايات التقليدية او الزجرية او التعويضية يمكن دكر :
ــ الهدية : وهي عبارة عن عطاء يقدم لسلطان عن طيب خاطر بمناسبة الاعياد الدنية الثلاثة .
المونةوالسخرة:وهما ضريبتان تتخذان طابعا نقديا أوعينا وتخصصان لموظفي السلطة المركزية (المخزن) لتغطية نفقات اقامتهم بارض القبيلة سواء لتأدية خدمة لاستخلاص الضرائب .
الحركة : ويمكن اعتبارها بمثابة اتاوة يطلبها السلطان من القبائل للمساهمة في تمويل الحملات العسكرية
الغرامةوالدعيرة : وهما عبارة عن عقاب مالي ، يفرض في الحالة الاولى على القبيلة التي تقع على ارضها جرائم او تمردات تمس بسيادة الدولة ، وفي الحالة الثانية على مرتكب الجريمة وهي تخضع للقانون العادي وتدفع لآهل الضحية .
لقد عملت الجباية السيادية التقليدية على تنويع مصادر التمويل التي لم تكن لا عامة ولاقارة بل ظرفية ومتعددة ، اعتمدت اليات القهر والاجبار بل والحرب لاستفائها ( الحركة ) وحاولت تلبية الحاجات التمويلية للسلطة المركزية خاصة في ظل ظروف ازمة القروض الخارجية التي عرفها المغرب في القرن التاسع عشر  والتي ساهمت  في الاضعاف المباشر لقوة المخزن المغربي ، والتاثير في مقومات نظامه المالي وفي المحاولات الاصلاحية  المدشنة بهدا الخصوص خاصة بواسطة الدور المميز لتجربة هيئة الامناء ، كما شكلت الية للتحكم في عناصر السيادة الجبائية الجمركية بواسطة ممثلي القوة الاستعمارية [36].
يقول الاستاد عبد الغني خالد في كتابه تاريخ السياسة الجبائية بالمغرب ...اما المناطق التي لايستطيع فيها المخزن تامين جبايته بصورة عادية فانه يتدخل عسكريا لتامين تلك الجباية فينظم بهده المناسبة "حركة" مجهزة من العسكر الخاص ومن القبائل التي لا تؤدي النايبة (قبائل الجيش) وكدلك من القواد واعيان المناطق ،ويبعث الى هؤلاء برسائل تحث على تنظيم الحركة [37].
ان اسلوب الحركة ، هدا مهول لدرجة ان بعض القبائل تدفع ضرائبها بمجرد سماعها بوصول الحركة او توجهها اليها،ومن اثار الحركة انها لا تقوم فقط لاستخلاصه ، ولكن كدلك لتطبيق الغرامات على الدين لا يؤدون ضرائبهم، فالعادة ان القبائل تستعجل بالأداء لان القائمين على الحركة سيبيتون بالقبيلة وسيطالبون بالمبيت لان اعوان الحركة من قواد واعوانهم يحلون في ضيافة اكراهية ودك مند الاعلان عن المبلغ الواجب الى غاية استيفائه فيرغم الممولون على الاداء عن كل ليلة تأخر فيها استكمال الاداء ،مبلغا من المال بالإضافة الى المؤونة حتى تضيق الناس بهم درعا فتستعجل الدفع .
وفي سنة 1222ه خرج السلطان بالعساكر الى تادلة يريد بني موسى وايت عتاب ورمالة وبني عياض. ونهبهم وأحرق مداشرهم وقطع اشجارهم وبلغ في النكاية حتى اذعنوا لطاعة وجب زكاوتهم وأشارهم .
ــ وفي سنة 1228 غزى السلطان الريف بسبب بيع اهلها الزرع للنصارى فتركهم افقر من ابن المدلق وجباها واستوفى زكواتها واعشارها.
ــ وفي سنة 1230 خرج السلطان لتمهيد بلاد تمسنا التي انتفض أهلها على عاملهم كريران الحريزي الدي اساء السيرة فيهم وطلب السلطان من جيرانهم من معاونته عليهم فأتلف موجوده واباح نسائهم واولادهم وترك فيهم عامله مع حصة من الجند وأمره كي يستخلص الاموال منه .والامثلة في هدا المجال كثيرة[38] .
المطلب الثاني :التأسيس القانوني للضريبة مع الحماية الفرنسية
لقد كان لمعاهدة الجزيرة الخضراء التي ابرمها المغرب سنة 1906 الدور الكبير في القيام بمجموعة من الاصلاحات في المجال الضريبي، بحيث ان المغرب سيصبح ملزما بالخضوع لتبعية الفرنسية ، وما يؤكد ما نقول هو الازمة المالية التي وقع فيها المغرب في بداية القرن العشرين ، وقد اعتبر البعض ان هده الازمة كانت سببا مباشرا في دخول السلطات الفرنسية الى المغرب وخضوعه بالتالي للحماية الفرنسية سنة 1912 ، ومع دخول السلطات الفرنسية الى المغرب سيعرف هدا الاخير وسيتأثر بالنظام الجبائي الفرنسي ،بل يمكن القول ان الحماية الفرنسية ستفرض نظام ضريبي مطابق للنظام المعمول به في فرنسا حيث تم احداث مجموعة من الضرائب على مراحل الحماية الفرنسية.
في 20 ابريل 1913 صدر ظهير بتشكيل لجنة لإعادة النظر في النظام الضريبي القائم قصد تطويره وزيادة الايرادات الضريبية .وقد تميزت هده الفترة بسيادة الضرائب الغير المباشرة تأثرا بالنظام الفرنسي كما استمر العمل بالضرائب المباشرة التي ارتكزت بصفة اساسية على الدخل العقاري في القرى والمدن ، وفي نفس السنة سيحدث تغيير في النظام الضريبي ، حيث تم توسي وعاء الضرائب المباشرة من ناحية ، وتغيير الفن الضريبي من ناحية اخرى[39]، ان مرحلة الحماية هاته عرفت انواع متعددة من الضرائب كانت غايتها الاولى اعادة الاعتبار الى خزينة الدولة ، واثقال كاهل الممول ، اكثر من دلك كان لها دور سلطوي وبالتالي البحث عن موارد جديدة للإحكام السلطات الفرنسية قبضتها على المغاربة
يمكن التمييز في هده المرحلة بين مرحلتين مهمتين وهده المرحلتين هي التي عرف فيها النظام  الضريبي اصلاحات ، وقد كانت المرحلة الاولى مند 1012 الى 1939 اما المرحلة الثانية فقد انطلقت مند سنة 1939 الى غاية تحقيق الاستقلال [40].
وسنتحدث هنا عن كل ضريبة والتطور الدي عرفته كل واحدة من هده الضرائب :

اولا : الضرائب المباشرة
الترتيب :لقد كانت هده الضريبة من اهم الضرائب المباشرة قبل الحماية الفرنسية على المغرب ، وقد كان اول تطبيق لها في عهد الحماية سنة 1912 بإقليم الشاوية، كما عم تطبيقها كل المغرب الغربي ابتداء من عام 1913 وفي عام 1915 ادخلت تعديلات على هده الضرائب .
والترتيب يتضمن ثلاثة ضرائب : الضريبة على المحاصيل الزراعية السنوية ، والضريبة على الاشجار المثمرة ، والضريبة على المواشي .
الضريبةالحضرية : وهي ضريبة مباشرة تفرض على العقارات المبنية في المدن ، ولا يرجع اصلها الى ابعد من اتفاقية الجزيرة الخضراء التي نصت في مادتها 61 على امكانية فرضها ، وصدر ضهير شريف منظم لها  سنة 1918 ويخضع للضريبة المباني المعدة للسكن او للأغراض التجارية والصناعية بما فيها من الات ومعدات ، كما يخضع لها الفضاء المستغلة بصفة دائمة في التجارة او الصناعة ودلك بشرط الا تكون مزروعة .
ضريبة الباتنتا : وهي ضريبة تسري على بعض الانشطة التجارية والصناعية والمهنية  ، عرفت لاولمرة سنة 1920 ، وتسري هده الضريبة على كل الاشخاص الطبيعيين والمعنويين أيا كانت جنسيتهم ، الدين يزاولون مهنة  أو صناعة أو تجارة في المغرب .كما تعتبر ضريبة عينية وقد عرفت مجموعة من التعديلات وزيادة في جبايتها خلال مرحلة الحماية .
الضريبةالشخصية : عرفها المغرب لأول مرة  في ظهير 30 نوفمبر 1927 ، وهي تشمل نوعين من الضرائب ضريبة الطرق |( وترتبط بالترتيب ) وضريبة السكنى ( وترتبط بالضريبة الحضرية ) هده الاخيرة هي ضريبة على الرؤوس  او الفردة والمادة الخاضعة للضريبة هي الشخص داته ويخضع ايراد  هه الضريبة للميزانيات المحلية[41] .
ثانيا :الضرائب الغير المباشرة :
وتتكون الضرائب الغير المباشرة في هده المراحل من الضرائب الجمركية ، وضريبة التسجيل ،  والضريبة على السلع الاستهلاكية ، وبعض الضرائب الاخرى المتفرقة  وهي على الشكل التالي :
الضرائبالجمركية : تعتبر هده الضريبة من بين الضرائب التي اقرت معاهدة الجزيرة الخضراء بالقيام بإصلاحها ، ومع دخول السلطات الفرنسية الى المغرب بدأت تفرض تعرفة جمركية موحدة فيما يتعلق بالواردات ، ونجد ان الجمارك على الحدود الجزائرية المغربية ، فتنظم باتفاق خاص بين المغرب وفرنسا من ناحية ، والمغرب واسبانيا من ناحية أخرى ، حيث تم فرض رسم الترانزيت مقداره 5 في المئة ، لكن مع سنة 1936 تم تطبيق مبدأ الوحدة الجمركية ، اد اخضع الضرائب التي ترد الى المغرب عن طريق الحدود الجزائرية لنفس الواردات المقررة في الموانئ البحرية[42] .
كما ان السلع المصدرة فقد تقرر اعفاء جميع السلع ، ماعدا المنتجات الاستخراجية ، من ضرائب الصادرة ولم تتحمل  الا رسم الاحصاء .
ضريبة التسجيل :
هده الضريبة تم تنظيمها بظهير 15 يوليوز 1914  ، وهده الضريبة لم تلقى قبول من طرف المواطنين[43] ، ولم يطبق الظهير المذكور بل حل محله ظهير اخر بتاريخ 11 مارس 1915 الدي تأثرت نصوصه بالتشريع الفرنسي .
وقد حدد القانون  تعريفة ثابتة ، واخرى نسبية ، وثالثة تصاعدية التي جاءت بصفة ضريبية تكميلية ملحقة بالسعر النسبي [44].
ضريبة الدمغة :
طبقت هده الضريبة بالمغرب من أول فبراير ودلك بمقتضى ظهير 15 ديسمبر 1917 ، وقد اكتفى المشرع بنقل النصوص الخاصة بها من التشريع الفرنسي ، وضريبة الدمغة من قبيل الضرائب الاستهلاك ، وتفرض على المحرارات التي يراد بها على الغير ، هدا وقد قسم المشرع الضريبة الى ثلاث فئات دمغة اتساع ، دمغة نسبية ، دمغة خاصة .
الضريبة على الاستهلاك :
هده الضريبة كانت تفرض على السلع المستوردة حيث كان المغرب في هده المرحلة يعتمد على السلع المستوردة بدرجة اكبر ، ولما تطورت الصناعات الوطنية اراد المشرع حماية السلع المغربية من المنافسة ومحاولته معاملتها معاملة افضل .وقد فرض هدا النوع من الضرائب مند سنة 1914 حيث فرضت معظم الضرائب خلال فترة الحرب العالمية الاولى  ومن بين هده السلع التي تم فرض عليها ضريبة ندكر ما يلي[45] :
الضريبة على المشروبات الكحولية ظهير 18اكتوبر 1914 وظهير 16 نوفمبر 1914
الضريبة على السكر ومشتقاته 12 ديسمبر  915 ، 6 ابريل 1932 
اللحوم المجمدة بظهير 20 يونيو 1930.
الضريبة على الدهب والفضة والبلاتين ظهير اكتوبر 1925
الضريبة على المواصلات ظهير 6 يناير 1926
.................الخ
ان التغيير الحقيقي الدي ستعرفه الضرائب المغربية في مرحلة الحماية الفرنسية سيكون سنة 1939بحيث تم توسيع الضرائب المباشرة ، وتغيير الفن الضريبي من ناحية ثانية .
لقد اتسع الوعاء الضرائب المباشرة ليشمل جزءا هاما من دخل الثروة  المنقولة ، اد فرضت ضريبة على الدخل العمل التابع واخرى على الدخل المتاتى من مصدر مختلط ، هدا وقد جاءت الضرائب الجديدة من طبيعة شبه عينية او شخصية، يقدر وعاؤها بالدخل  الصافي  عن طريق الاقرار  الخاضع لرقابة السلطة الضريبية ، وتفرض بسعر تصاعدي ، بالإضافة الى دلك اتجه المشرع الى زيادة سعر بعض الضرائب القائمة .
وقد تم فرض مجموعة من الضرائب اهمها :
ــ الضريبة على المرتبات والاجور بظهير 30 اكتوبر 1939، واستقرت نهائيا بظهير  3 مارس  1948 وهي تسري على التعويضات ، والمرتبات والمكافئات والمعاشات.
ــ الضريبة الاضافية على الباتنتا فرضت بظهير 12 ابريل 1941 واستقرت بظهير 19 يوليوز 1948، وتسرري على الارباح السنوية التي يحققها كل شخص طبيعي او معنوي يباشر نشاطا .
المطلب الثالث  : مرحلة الاصلاح وتجميع الضرائب
مباشرة بعد خروج سلطات الحماية سيقوم المغرب بمجموعة من الاصلاحات ، دلك ان الضرائب التي كانت مفروضة في عهد الحماية يطغى عليها حماية المصالح الفرنسية في تلك الفترة وبالتالي اصبح المغرب ملزم بالقيام بمجموعة من التغيرات عرفت مراحل متعددة ، وقد كان اول اصلاح سيقوم به المغرب كان سنة 24 مايو 1957بحيث تم من خلاله اعادة تنظيم الضريبة الجمركية ، وفرضت ايضا ضريبة بلدية بمقتضى ظهير 27يوليوز 1956 لصالح ميزانية البلديات ، وضريبة السيارات بمقتضى ظهير 13 يوليوز1957 .
في سنة 1961 سيعرف المغرب مجموعة من الاصلاحات ودلك بإصدار 8 ظهائر بحيث تم ادخال تعديلات على بعض الضرائب كالمرتبات والاجور والضريبة الحضارية ...كما حدثت ضرائب جديدة كالضريبة الفلاحية محل الضريبة الترتيب[46]، وبمقتضى قانون المالية لسنة 1972 تأسست الضريبة التكميلية على الدخل الاجمالي للشخاص الطبيعيين كما تأسست الضريبة على القيم المنقولة بمقتضى قانون المالية 1979[47] ، وقد عرفت الضريبة مجموعة من التغييرات في قوانين المالية ، ولكنها تغييرات ليست بالجوهرية ولا بالمهمة ولا حتى بالمؤثرة على ميزانية الدولة لكن اهم اصلاح هو دلك الدي سيأتي سنة 1984 ليضع مجموعة من التغييرات المهمة في المجال الجبائي المغربي .
لقد كانت بداية هدا الاصلاح ستة 1982 من خلال خطاب وزير المالية بمناسبة عرضه لمشروع قانون الاطار امام اللجنة المكلفة بالمالية ، وقد جاء قانون الاطار لتجاوز مجموعة من الاختلالات ابرزها محاولة تحقيق مبدأ الانصاف والعدالة ثم محاولة تجاوز البطء والتعقيد اللدان يتسم بهما جهازنا الجبائي وايضا محاولة حصر التملص والغش الجبائي الدي لم تستطيع الادارة الضريبية حصره قبل هدا الاصلاح.
لهده الأسباب وغيرها كان لزاما على الحكومة المغربية اتخاد المبادرة والقيام بإصلاح يتسم بالشمولية والعمق ويهدف الى المساهمة الفعالة في التنمية على مختلف الاصعدة الاقتصادية والاجتماعية والمالية ([48])، وابرز المجالات التي شملها الاصلاح :
ــ  احلال الضريبة العامة على الدخل محل النظام المختلط .
ــ احلال الضريبة على الشركات محل الضرائب المفروضة على الاشخاص الاعتباريين .
ــ احلال الضريبة على القيمة المضافة محل الضريبة على المنتجات والضريبة على الخدمات .
ــ عدم المساس بالإعفاءات الجبائية التي تمنحها انظمة الاستثمار.
ــ  رصد بعض العائدات الجبائية لميزانية الجماعات المحلية .
ــ  عدم تشديد العبء الضريبي على المكلفين الحاصلين على الدخل من مصدر واحد .
ــ  مقاومة الغش الضريبي بإقرار عقوبات .
ان اهم ما ميز هدا الاصلاح هو جمع وحصر الضرائب في ثلاث ضرائب فقط اثنان منها تتجلى في الضرائب المباشرة وهي الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات  ، واخرى غير مباشرة تتجلى في الضريبة على القيمة المضافة وبالتالي جمع شتات الضرائب التي عرفها المغرب على مر سنوات .
وقد مس هدا الاصلاح الجماعات المحلية بحيث خلق لها مجموعة من الموارد المالية فقد منحها حق استخلاص الضريبة المهنية والضريبة الحضرية على العقارات التي يسكنها ملاكها والضريبة العقارية([49]) وبالتالي خلق موارد جديدة علما ان الميثاق الجماعي منحها مجموعة من الاختصاصات فقد كان هددا الاصلاح بمثابة خلق موارد لتنفيد تلك الاختصاصات .
ان المغرب لم يكن حرا في اختيار هدا الاصلاح فخلال السبعينات كان المغرب يعيش في ظل ازمة اقتصادية خانقة ، حيث لم يستطيع الوفاء بديونه لصندق النقد الدولي ،حيت طالبه بإعادة جدولة ديونه .
كما ان ارتفاع اسعار البترول سنة 1979 ـ1980  والتي سميت انداك بالصدمة البترولية كان لها اثرا سلبيا على الاقتصاد الوطني حيث ان المغرب كان يستورد اكثر من 70 في المئة من الطاقة ، اضيف الى دلك ان عملية استرجاع ادت الى ارتفاع ميزانية الدفاع الوطني واستمرار سنوات الجفاف ما بين 1980 و 1982[50] .
وقد كان المغرب عند قيامه بهذا الاصلاح يطمح الى تعبئة اكبر قدر ممكن من الموارد الضرورية ومحاولة تحقيق التوازن لميزانية الدولة وخدمة  الدين الخارجي وقد حاول ايضا تجاوز النظام الجبائي النوعي التقليدي من خلال تقارير ودراسات قامت بها مؤسسات مالية دولية [51].
ان المغرب كان يسعى الى تحقيق االاستقرار الضريبي من خلال :
تدبير وتخفيض عجز الميزاانية.
 تدبير وضبطالطلب .
تدبير تخفيض الضغط الضريبي
تدبير الخوصصة وتدبير توسيع الاساس الضريبي .
تعديل اسعار الضريبة .
وكما سبقت الاشارة الى دلك فان هدا الاصلاح قد شمل ثلاث نقط مهمة وهي :
النقطة الاولى :هي الضريبة على الدخل حيث تعتبر ضريبة عامة تفرض على مجموع دخول الاشخاص الطبيعيين كيفما كان مصدرها وقد حلت هده الضريبة محل الضرائب النوعية القديمة كالضريبة الفلاحية والضريبة الحضرية والضريبة المهنية ...الخ ويضم وعاء الضريبة العامة على الدخل خمسة مصادر اقتصادية رئيسية هي المداخيل الفلاحية ، العقارية المهنية ، المنقولة والاجرية وتختلف عناصر هده المصادر باختلاف المداخيل المعنية بالاستقطاع الضريبي وقد ادى الاخد بالضريبة على الدخل بتحقيق جملة من المزايا بالنسبة للنظام الضريبي المطبق على الاشخاص الداتيين ، تمثلت بالاساس في ميزاتين العقل والتبسيط للنظام المطبق ، ودلك بالتخلي عن نظام الضرائب النوعية ، وتبسيط مساطره التقنية وادخال نوع من البساطة والفعالية في الجانب التقني لمكونته بالتنصيص على ايجاد ضريبة عامة واحدة لدخول الاقتصادية للملزم الوحيد .
الضريبة على الشركات :
تم اقرارها بمقتضى قانون رقم 86ـ 24 المؤرخ في 21 دجنبر 1986 وقد حلت محل الضريبة على الارباح المهنية وكان الهذف من هذا القانون هو التجميع والتبسيط وهي تخضع كل الشركات مهما كان هدفها التي تحقق ارباح في المغرب ماعدا بعض الشركات كالشركات التعاونية المغربية .
الضريبة على القيمة المضافة :
وهي اهم مكون للضرائب غير المباشرة في المغرب وقد كانت اول ضريبة شرع في تنفيذها غداة اعتماد القانون الاطار للإصلاح الضريبي المؤرخ في 23 ابريل 1984 بواسطة قانون رقم 85 ـ30 الصادر في فاتح يناير 1986 .والضريبة على القيمة المضافة ضريبة حديثة الظهور في الانظمة المقارنة  ، ظهرت لأول مرة في بفرنسا سنة 1994 ثم تم توسع الاخذ بها ليشمل مختلف الدول سواء المتقدمة منها او النامية واهم ما يميزها التبسيط والمردودية لكن تطبيقها يطرح مجموعة من الاشكالات سواء على مستوى تحديد المفهوم او على مستوى النظام القانوني او من خلال طريقة احتساب مبلغ الضريبة[52] .
ولن يحدث اي تغيير مهم في مجال الضريبة الا مع سنة 2007 حيث سيتم تجميع الضرائب الثلاثة في مدونة واحدة تسمى بالمدونة العامة للضرائب، وتضم هده المدونة ثلاثة كتب[53] :
يضم الكتاب الاول قواعد التحصيل ويضم ثلاثة اجزاء قواعد الوعاء الخاصة بالضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة ووجبات التسجيل اضافة الى مقتضيات مشتركة، ويضم الجزء الثاني المتعلق بقواعد التحصيل اما الجزء الثالث فيضم الجزاءات المتعلقة بالتحصيل ...
الكتاب الثاني : المساطر الجبائية ويضم قسم خاص بمراقبة الضريبة من حيث حق مراقبة الادارة ووجوب الاحتفاظ بالوثائق المحاسبية مسطرة تصحيح اسس الضريبة .....
الكتاب الثالث :يضم واجبات ورسوم اخرى ، يشتمل على قسمين ، يتعلق القسم الاول بواجبات التمبرل بينما يتناول القسم الثاني الضريبة الخصوصية السنوية على السيارات [54].ص 61 بلخال



[1] الدكتور صباح نعوف  الضرائب في الدول العربية  مركز الثقافة العربي
[2]نفس المرجع
[3]نفس المرجع
[4]- الضرائب في الدول العربية صباح نعوش
[5]- يعتقد البعض خطا ان الزكاة اجبارية في حين الصدقة اختارية
[6]- يوسف القرضاوي " فقه الزكاة " الجزء الاول 1977
[7]- ان المرا لا يعد غنيا و بالتالي لا يخضع للزكاة الا ادا كانت امواله مملوكة على وجه مشروع حتى ان بعض فقهاء الحنفية اجازوا التصدق على السلاطين و الامراء الظلمة و اعتبروهم من الفقراء
[8]- لا يشرط الحول في بعض الاموال كالزرع و الثمار
[9]- ميرزا محمد حسين "الاسلام و الاشتراكية " الدار القومية للطباعة و النشر 1965
[10]- يالحظ ان الضريبة السلبية غير مطبقة لحد الان في اية دولة من دول العالم لدلك فان اثارها لا زالت غير معروفة على وجه الدقة
[11]- يقول ابو يوسف في كتاب الخراج "ولا تؤخد منهم ( من اهل الدمة) في الجزية ميتة و لا خنزير و لا خمر فقد كان عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه) ينهى عن اخد دلك منهم في جزيتهم و قال ولوها اربابها فليبيعوها و خدوا منهم اثمانهم ...)
[12]- كتاب الخراج القرشي
[13]- محمد ضياء الدين الريس " الخراج و النظم المالية للدولة الاسلامية " القاهرة . 1961.
[14]- ان عمرا كان يعفي او يخفف من الخراج في حالة ثبوت عجز المكلف عن الدفع .
[15]الدكتور سعيد جفري تدبير المالية العمومية بالمغرب
([16])نفس المرجع
[17] نفس المرجع
[18] الدكتور صباح نعوش  المالية العامة و مالية الدول النامية
[19]نفس المرجع
[20]نفس المرجع
[21]نفس المرجع
[22]د.السيد عبد المولى التشريع الضريبي المغربي
[23]د.عبدالغنيخالد تارريخ السياسة الجبائية بالمغرب القرن التاسع عشر ص15
[24]نفس المرجع ص 13
[25]د السيد عبد المولى ص 6
[26]د .سعيد جفري تدبير المالية العمومية بالمغرب ص76
[27]د.السيد عبد المولى م س ص 6
[28]د.سعيد جفري م س ص 79
[29]د.صباح نعوش الضرائب المباشرة بالمغرب  الجزء الاول الطبعة الاولى 1986ص12
[30]د.السيد عبد المولى م س ص 7
)د. سعيد جفري م س ص 84[31]
)د. السيد عبد المولى م س 7[32]
)د.عبد الغني خالد :تاريخ السياسة الجبائية بالمغرب م س. ص104[33]
) د.السيد عبد المولى التشريع الضريبي المغربي م س .ص8[34]
)د.عبد الغني خالد السياسة الجبائية بالمغرب م س .ص97[35]
)د.سعيد جفري تدبير المالية العمومية بالمغرب م س.ص 81ـ82[36]
) د.عبد الغني خالد تاريخ السياسة الجبائية بالمغرب م س .ص80[37]
) نفس المرجع ص 82 [38]
)د . السيد عبد المولى التشريع الضريبي المغربي م س .ص10[39]
)د .سعيد جفري :تدبير المالية العمومية بالمغرب م س .ص 90[40]
)د .اناس بن صالح الزمراني المالية العامة والسياسة المالية [41](
)د. السيد عبد المولى التشريع الضريبي المغربي م س .الصفحة 12ـ13[42](
) د.سعيد جفري تدبير المالية العمومية بالمغرب م س الصفحة 90[43](
)السيد عبد المولى م س الصفحة 14[44](
) د. السيد عبد المولى م س ص 15[45](
) د. السيد عبد المولى م س الصفحة 18[46](
)د عبد الفتاح بلخال الضرائب في المغرب الجزء الاول مطبعة دار ابي رقراق للطباعة والنشر ص58 [47](
)د.عبد الفتاح بلخال م س الصفحة 59[48](
) نفس المرجع الصفحة 60[49](
)د. دمومات عبد الله الاصلاح الضريبي المغربي وبرنامج التقويم الهيكلي مطبعة افريقيا الشرق الصفحة17ـ18 [50](
)د.دمومات عبد الله الاصلاح الضريبي المغربي وبرنامج التقويم الهيكلي مطبعة افريقيا الشرق الصفحة 17[51](
)للمزيد من الاطلاع راجع كتاب سعيد جفري م س الصفحات 96ـ97ـ98ـ99[52](
)د.عبد الفتاح بلخال الضرائب في المغرب  م س الصفحة 32[53](
)للمزيد من الاطلاع راجع كتاب د.عبد الفتاح بلخال  م س الصفحات 60ـ61[54](

ليست هناك تعليقات

© جميع الحقوق محفوظة صفحات قانونية 2020 - حقوق الطبع والنشر | الناشر صفحات قانونية | سياسة الخصوصية