الأحد، 16 نوفمبر 2014

الحرية الدينية

إن الإيمان هو الحق الأسمى في تسلسل الحريات العامة، ولهذه الحرية وجهان: الأول حرية الإنسان في اختيار المعتقد الذي يريد، أي الحرية في تغيير دينه، والثاني، الحرية في عدم الإيمان بدين معين انطلاقا من معنى الحرية نفسه الذي يجب أن يوفر لهذا الإنسان إمكانية الاختيار، ولتكريس الحرية الدينية بمختلف وجوهها ومظاهرها، فقد فرضت معظم القوانين الحديثة عقوبات مشددة على  كل من يحاول المس بهذه الحرية أو عرقلة أو منع ممارستها. كذلك تحدثت عنها المواثيق والإعلانات الدولية باعتبارها واحدة من الحريات الفكرية الأساسية، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن في عام 1789، أورد في المادة العاشرة منه بأنه: "يجب الامتناع عن إزعاج أي إنسان بسبب آرائه، حتى الدينية، ما دام التعبير عنها لا يعكر النظام العام المرتكز على القانون" ونص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في (المادة 18) على أن: "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته وحرية الإعراب عنها بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها، سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة".كما أكدت الاتفاقية الدولية المتعلقة بالحقوق السياسية والمدنية في (المادة 18) منها على هذه الحرية الأساسية في (الفقرة 1) وأضافت أنه: "لا يجوز إخضاع أحد لإكراه من شأنه أن يعطل حريته في الانتماء إلى أحد الأديان أو العقائد التي يختارها (الفقرة الثانية) وأخضعت حق الفرد في التعبير عن ديانته فقط للقيود المنصوص عليها في القانون (الفقرة الثالثة)، وطالبت الدول الأطراف في الاتفاقية باحترام حرية الآباء والأمهات والأوصياء القانونيين في تأمين التعليم الديني أو الأخلاقي لأطفالهم تماشيا مع معتقداتهم الخاصة (الفقرة الرابعة)وباعتمادها الحرية كمبدأ لوجود الأديان وممارسة شعائرها انساقت الدولة العصرية بصورة طبيعية وحتمية إلى إعلان العلمانية فيها، وتعني أن الأديان ما هي إلا ظاهرات اجتماعية خارجة عن نطاق الدولة وجوهرها، وقد كان ذلك من تأثير الثورة الفرنسية التي فصلت الدين عن الدولة فصلا ثوريا، واتخذت أخيرا في فرنسا شكلها الشرعي بقانون 9 دجنبر1905 المعروف "بقانون انفصال الكنيسة على الدولة"[1]


[1] م.س. ص:45

ليست هناك تعليقات

© جميع الحقوق محفوظة صفحات قانونية 2020 - حقوق الطبع والنشر | الناشر صفحات قانونية | سياسة الخصوصية